فصل: زكاة الحيوان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.الأكل من الزرع:

يجوز لصاحب الزرع أن يأكل من زرعه، ولا يحسب عليه ما أكل منه قبل الحصاد، لأن العادة جارية به، وما يؤكل شيء يسير.
وهو يشبه ما يأكله أرباب الثمار من ثمارهم فإذا حصد الزرع، وصفى الحب، أخرج زكاة الموجود.
سئل أحمد عما يأكل أرباب الزروع من الفريك؟ قال: لا بأس أن يأكل منه صاحبه ما يحتاج إليه.
وكذلك قال الشافعي، والليث، وابن حزم.

.ضم الزروع والثمار:

اتفق العلماء على أنه يضم أنواع الثمر بعضه إلى بعض، وإن اختلف في الجودة، والرداءة واللون، وكذا يضم أنواع الزبيب بعضها إلى بعض وأنواع الحنطة، بعضها إلى بعض، وكذا أنواع سائر الحبوب.
واتفقوا أيضا على أن عروض التجارة تضم إلى الاثمان وتضم الاثمان إليها، إلا أن الشافعي لا يضمها إلا إلى جنس ما اشتريت به، لأن نصابها معتبر به.
واتفقوا على أنه لا يضم جنس إلى جنس آخر، في تكميل النصاب، في غير الحبوب والثمار فالماشية لا يضم جنس منها إلى جنس آخر.
فلا يضم الإبل إلى البقر في تكميل النصاب، والثمار لا يضم جنس إلى غيره، فلا يضم التمر إلى الزبيب.
واختلفوا في ضم الحبوب المختلفة، بعضها إلى بعض.
وأولى الاراء وأحقها: أنه لا يضم شيء منها في حساب النصاب، ويعتبر النصاب في كل جنس منها قائما بنفسه، لأنها أجناس مختلفة، وأصناف كثيرة، بحسب أسمائها فلا يضم الشعير إلى الحنطة، ولا هي إليه، ولا التمر إلى الزبيب، ولا هو إليه، ولا المحص إلى العدس.
وهذا مذهب أبي حنيفة، والشافعي، وإحدى الروايات عن أحمد، وإليه ذكب كثير من علماء السلف.
قال ابن المنذر: وأجمعوا على أنه لا تضم الإبل إلى البقر، ولا إلى الغنم، ولا البقر إلى الغنم، ولا التمر إلى الزبيب، فكذا لا ضم في غيرها، وليس للقائلين بضم الاجناس دليل صحيح صريح فيما قالوه.
متى تجب الزكاة في الزروع والثمار: تجب الزكاة في الزروع إذا اشتد الحب وصار فريكا، وتجب في الثمار إذا بدا صلاحها، ويعرف ذلك باحمرار البلح، وجريان الحلاوة في العنب.
ولا تخرج الزكاة إلا بعد تصفية الحب وجفاف الثمر. وإذا باع الزارع زرعه بعد اشتداد الحب، وبدو صلاح الثمر فزكاة زرعه وثمره عليه، دون المشتري، لأن سبب الوجوب العقد، وهو في ملكه.

.إخراج الطيب في الزكاة:

أمر الله سبحانه المزكي بإخراج الطيب من ماله، ونهاه عن التصدق بالردئ، فقال: {يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بأخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعملوا أن الله غني حميد}.
روى أبو داود والنسائي، وغيرهما، عن سهل بن حنيف، عن أبيه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لونين من التمر: الجعرور، ولون الحبيق وكان الناس يتيممون شرار ثمارهم فيخرجونها في الصدقة. فنهوا عن ذلك، ونزلت: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون}».
وعن البراء قال: في قوله تعالى: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} نزلت فينا معشر الانصار، كنا أصحاب نخل، فكان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته، وكان الرجل يأتي بالقنو، والقنوين فيعلقه في المسجد، وكان أهل الصفة ليس لهم طعام، فكان أحدهم إذا جاع، أتى القنو فضربه بعصاه فسقط البسر والتمر، فيأكل، وكان ناس ممن لا يرغب في الخير، يأتي الرجل بالقنو فيه الشيص، والحشف والقنو قد انكسر، فيعلقه، فأنزل الله تعالى: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه}.
قال: لو أن أحدكم أهدى إليه مثل ما أعطى لم يأخذه إلا على إغماض وحياء.
قال: فكنا بعد ذلك يأتي أحدنا بصالح ما عنده رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب.
قال الشوكاني: فيه دليل على أنه لا يجوز للمالك أن يخرج الردئ عن الجيد الذي وجبت فيه الزكاة، نصا في التمر، وقياسا في سائر الاجناس التي تجب فيها الزكاة وكذلك لا يجوز للمصدق أن يأخذ ذلك.
ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا زكاة في العسل.
قال البخاري: ليس في زكاة العسل شيء يصح.
وقال الشافعي: واختياري ألا يؤخذ منه، لأن السنن والاثار ثابتة فيما يؤخذ منه، وليست ثابتة فيه، فكان عفوا.
وقال ابن المنذر: ليس في وجوب الصدقة في العسل خبر يثبت، ولا إجماع، فلا زكاة فيه، وهو قول الجمهور.
وذهب الحنفية، وأحمد: إلى أن في العسل زكاة، لأنه وإن لم يصح في إيجابه حديث، إلا أنه جاء فيه آثار يقوي بعضها بعضا، ولأنه يتولد من نور الشجر، والزهر، ويكال ويدخر، فوجبت فيه الزكاة، كالحب والتمر، ولان الكلفة فيه دون الكلفة في الزروع والثمار.
واشترط أبو حنيفة في إيجاب الزكاة في العسل، أن يكون في أرض عشرية ولم يشترط نصابا له، فيؤخذ العشر من قليله وكثيره.
وعكس الإمام أحمد، فاشترط أن يبلغ نصابا، وهو عشرة أفراق، والفرق ستة عشر رطلا عراقيا.
وسوى بين وجوده في الأرض الخراجية، أو العشرية.
وقال أبو يوسف: نصابه عشرة أرطال.
وقال محمد: بل هو خمسة أفراق.
والفرق، ستة وثلاثون رطلا.
وهذا ظاهر كلام أحمد.

.زكاة الحيوان:

جاءت الأحاديث الصحيحة، مصرحة بإيجاب الزكاة في الإبل، والبقر، والغنم، وأجمعت الأمة على العمل.
ويشترط لايجاب الزكاة فيها: أن تبلغ نصابا وأن يحول عليها الحول وأن تكون سائمة، أي راعية من الكلا المباح أكثر العام.
والجمهور على اعتبار هذا الشرط، ولم يخالف فيه غير مالك، والليث فإنهما أوجبا الزكاة في المواشي مطلقا: سواء أكانت سائمة، أو معلوفة، عاملة أو غير عاملة.
لكن الأحاديث جاءت مصرحة بالتقييد بالسائمة، وهو يفيد بمفهومه: أن المعلوفة لا زكاة فيها، لأنه لا بد للكلام عن فائدة، صونا له عن اللغو.
قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدا قال بقول مالك، والليث، من فقهاء الأمصار.

.زكاة الإبل:

لا شيء في الإبل حتى تبلغ خمسا، فإذا بلغت خمسا، سائمة، وحال عليها الحول، ففيها شاة.
فإذا بلغت عشرا، ففيها شاتان، وهكذا كلما زادت خمسا زادت شاة.
فإذا بلغت خمسا وعشرين، ففيها بنت مخاض وهي التي لها سنة ودخلت في الثانية أو ابن لبون وهو الذي له سنتان ودخل في الثالثة فإذا بلغت ستا وثلاثين ففيها ابنة لبون.
وفي ست وأربعين حقه وهي التي لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة وفي إحدى وستين جذعة وهي التي لها أربع سنين ودخلت في الخامسة وفي ست وسبعين بنتا لبون وفي إحدى وتسعين حقتان، إلى مائة وعشرين.
فإذا زادت، ففي كل أربعين، ابنة لبون وفي كل خمسين حقة فإذا تباين أسنان الإبل في فرائض الصدقات، فمن بلغت عنده صدقة الجذعة - وليست عنده جذعة، وعنده حقة - فإنها تقبل منه، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له، أو عشرين درهما.
ومن بلغت عنده صدقة الحقة - وليست عنده إلا جذعة - فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما، أو شاتين.
ومن بلغت عنده صدقة الحقة - وليست عنده.
وعنده ابنة لبون - فإنها تقبل منه، ويجعل معها شاتين، إن استيسرتا له، أو عشرين درهما.
ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون - وليست عنده الاحقة - فإنها تقبل منه، ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين.
ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون - وليست عنده ابنة لبون، وعنده ابنة مخاض - فإنها تقبل منه، ويجعل معها شاتين، إن استيسرتا له أو عشرين درهما.
ومن بلغت عنده صدقة ابنة مخاض - وليس عنده إلا ابن لبون ذكر - فإنه يقبل منه، وليس معه شئ.
ومن لم تكن معه إلا أربع من الإبل، فليس فيها شئ، إلا أن يشاء ربها.
هذه فريضة صدقة الإبل، التي عمل بها الصديق رضي الله عنه، بمحضر من الصحابة، ولم يخالفه أحد.
فعن الزهري عن سالم عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كتب الصدقة، ولم يخرجها إلى عماله حتى توفي فأخرجها أبو بكر رضي الله عنه فعمل بها حتى توفي، ثم أخرجها عمر رضي الله عنه من بعده فعمل بها، قال: فلقد هلك عمر يوم هلك، وإن ذلك لمقرون بوصيته.

.زكاة البقر:

وأما البقر فلا شيء فيها، حتى تبلغ ثلاثين سائمة، فإذا بلغت ثلاثين سائمة، وحال عليها الحول ففيها تبيع، أو تبيعة وهو ما له سنة ولا شيء فيها غير ذلك حتى تبلغ أربعين، فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة وهي ما لها سنتان ولا شيء فيها حتى تبلغ ستين، فإذا بلغت ستين، ففيها تبيعان.
وقال غيرهم: يلزم في الأربعين مسنة أنثى، فقط إلا إذا كانت كلها ذكورا فإنه يجوز الاخراج منها اتفاقا.
وفي السبعين مسنة، وتبيع، وفي الثمانين، مسنتان، وفي التسعين، ثلاثة أتباع.
وفي المائة، مسنة، وتبيعان، وفي العشرة والمائة، مسنتان، وتبيع.
وفي العشرين والمائة، ثلاث مسنات، أو أربعة أتباع وهكذا ما زاد ففي كل ثلاثين، تبيع، وفي كل أربعين مسنة.

.زكاة الغنم:

لا زكاة في الغنم حتى تبلغ أربعين، فإذا بلغت أربعين سائمة وحال عليها الحول، ففيها شاة، إلى مائة وعشرين، فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين ففيها شاتان، إلى مائتين، فإذا بلغت مائتين وواحدة، ففيها ثلاث شياه، إلى ثلاثمائة، فإذا زادت على ثلاثمائة، ففي كل مائة شاة.
ويؤخذ الجذع من الضأن، والثني من المعز.
هذا ويجوز إخراج الذكور في الزكاة اتفاقا، إذا كان نصاب الغنم كله ذكورا.
فإن كان إناثا، أو ذكورا وإناثا، جاز إخراج الذكور عند الأحناف وتعينت الأنثى عند غيرهم.

.حكم الأوقاص:

الاوقاص: جمع وقص، وهي ما بين الفريضتين، وهو باتفاق العلماء عفو لا زكاة فيه.
فقد ثبت من كلام النبي صلى الله عليه وسلم في صدقة الإبل: «فإذا بلغت خمسا وعشرين، ففيها بنت مخاض أنثى، فإذا بلغت ستا وثلاثين، إلى خمس وأربعين، ففيها بنت لبون أنثى».
وفي صدقة البقر يقول: «فإذا بلغت ثلاثين ففيها عجل تابع، جذع أو جذعة، حتى تبلغ أربعين، فإذا بلغت أربعين، ففيها بقرة مسنة».
وفي صدقة الغنم يقول: «وفي سائمة الغنم، إذا كانت أربعين، ففيها شاة، إلى عشرين ومائة».
فما بين الخمس والعشرين، وبين الست والثلاثين من الإبل وقص، لا شيء فيها.
وما بين الثلاثين، وبين الأربعين من البقر وقص كذلك.
وهكذا في الغنم.

.ما لا يؤخذ في الزكاة:

يجب مراعاة حق أرباب الأموال عند أخذ الزكاة من أموالهم، فلا يؤخذ من كرائمها وخيارها، إلا إذا سمحت أنفسهم بذلك.
كما يجب مراعاة حق الفقير.
فلا يجوز أخذ الحيوان المعيب، عيبا يعتبر نقصا عند ذي الخبرة بالحيوان، إلا إذا كانت كلها معيبة وإنما تخرج الزكاة من وسط المال.
1- ففي كتاب أبي بكر: ولا تؤخذ في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس.
وعن سفيان بن عبد الله الثقفي: أن عمر رضي الله عنه نهى المصدق أن يأخذ الاكولة، والربى، والماخض وفحل الغنم.
3- عن عبد الله بن معاوية الغاضري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الايمان: من عبد الله وحده، وأن لا إله إلا هو، وأعطى زكاة ماله، طيبة بها نفسه. رافدة عليه كل عام، ولا يعطى الهرمة، ولا الدرنة ولا المريضة، ولا الشرط ولا اللئيمة، ولكن من وسط أموالكم، فإن الله لم يسألكم خيره، ولم يأمركم بشره» رواه أبو داود، والطبراني، بسند جيد.

.زكاة غير الأنعام:

لا زكاة في شيء من الحيوانات غير الانعام.
فلا زكاة في الخيل والبغال والحمير، إلا إذا كانت للتجارة.
فعن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قد عفوت لكم عن الخيل والرقيق، ولا صدقة فيهما» رواه أحمد وأبو داود بسند جيد.
وعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الحمر، فيها زكاة؟ فقال: «ما جاء فيها شيء إلا هذه الآية الفذة {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}» رواه أحمد وقد تقدم جميعه.
وعن حارثة بن مضرب: أنه حج مع عمر فأتاه أشراف الشام، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنا أصبنا رقيقا، ودواب، فخذ من أموالنا صدقة تطهرنا بها، وتكون لنا زكاة، فقال: هذا شيء لم يفعله اللذان قبلي ولكن انتظروا حتى أسأل المسلمين.
أورده الهيثمي، وقال: رواه أحمد، والطبراني في الكبير، ورجاله ثقات.
وروى الزهري عن سلمان بن يسار: أن أهل الشام قالوا لابي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه: خذ من خيلنا ورقيقنا صدقه، فأبى، ثم كتب إلى عمر فأبى، فكلموه أيضا، فكتب إلى عمر فكتب إليه عمر: إن أحبوا فخذها منهم، وارددها عليهم وارزق رقيقهم رواه مالك والبيهقي.

.زكاة الفصلان والعجول والحملان:

من ملك نصابا من الإبل، أو البقر، أو الغنم، فنتجت في أثناء الحول، وجبت زكاة الجميع، عند تمام حول الكبار وأخرج عن الاصل وعن النتاج، زكاة المال الواحد، في قول أكثر أهل العلم.

لما رواه مالك، والشافعي، عن سفيان بن عبد الله الثقفي أن عمر بن الخطاب قال: تعد عليهم السخلة يحملها الراعي، ولا تأخذها، ولا تأخذ الاكولة، ولا الربى، ولا الماخض ولا فحل الغنم، وتأخذ الجذعة والثنية، وذلك عدل بين غذاء المال وخياره.
ويرى أبو حنيفة، والشافعي، وأبو ثور: أنه لا يحسب النتاج ولا يعتد به، إلا أن تكون الكبار نصابا.
وقال أبو حنيفة أيضا: تضم الصغار إلى النصاب، سواء كانت متولدة منه، أم اشتراها، وتزكى بحوله.
واشترط الشافعي: أن تكون متولدة من نصاب، في ملكه قبل الحول.
أما من ملك نصابا من الصغار، فلا زكاة عليه، عند أبي حنيفة، ومحمد، وداود، والشعبي، ورواية عن أحمد.
لما رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والدارقطني، والبيهقي، عن سويد بن غفلة قال: أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعته يقول: «إن في عهدي أن لا تأخذ من راضع لبن» الحديث وفي إسناده هلال بن حباب، وقد وثقه غير واحد، وتكلم فيه بعضهم.
وعند مالك، ورواية عند أحمد: تجب الزكاة في الصغار كالكبار، لأنها تعد مع غيرها، فتعد منفردة.
وعند الشافعي وأبي يوسف: يجب في الصغار واحدة صغيرة منها.